سورة الحجر - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحجر)


        


{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)}
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر} رد لإنكارهم واستهزائهم في قولهم: {يأَيُّهَا الذى نُزّلَ عَلَيْهِ الذكر} [الحجر: 6] ولذلك قال: إنا نحن، فأكد عليهم أنه هو المنزل على القطع والبتات، وأنه هو الذي بعث به جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم وبين يديه ومن خلفه رصد، حتى نزل وبلغ محفوظاً من الشياطين وهو حافظه في كل وقت من كل زيادة ونقصان وتحريف وتبدبل، بخلاف الكتب المتقدمة؛ فإنه لم يتول حفظها. وإنما استحفظها الربانيين والأحبار فاختلفوا فيما بينهم بغيا فكان التحريف ولم يكل القرآن إلى غير حفظه.
فإن قلت: فحين كان قوله {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر} رداً لإنكارهم واستهزائهم، فكيف اتصل به قوله {وَإِنَّا لَهُ لحافظون}؟ قلت: قد جعل ذلك دليلاً على أنه منزل من عنده آية؛ لأنه لو كان من قول البشر أو غير آية لتطرق عليه الزيادة والنقصان كما يتطرق على كل كلام سواه. وقيل: الضمير في {لَهُ} لرسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى {والله يَعْصِمُكَ} [المائدة: 67].


{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ (10) وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (11)}
{فِى شِيَعِ الأولين} في فرقهم وطوائفهم. والشيعة: الفرقة إذا اتفقوا على مذهب وطريقة. ومعنى أرسلناه فيهم: نبأناه فيهم وجعلناه رسولاً فيما بينهم {وَمَا يَأْتِيهِم} حكاية حال ماضية، لأنّ (ما) لا تدخل على مضارع إلا وهو في معنى الحال، ولا على ماض إلا وهو قريب من الحال.


{كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (12) لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ (13)}
يقال: سلكت الخيط في الإبرة، وأسلكته إذا أدخلته فيها ونظمته. وقرئ: {نسلكه}، والضمير للذكر، أي: مثل ذلك السلك، ونحوه: نسلك الذكر في {قُلُوبِ المجرمين} على معنى أنه يلقيه في قلوبهم مكذباً مستهزءاً به غير مقبول، كما لو أنزلت بلئيم حاجة فلم يجبك إليها فقلت: كذلك أنزلها باللئام، تعني مثل هذا الإنزال أنزلناها بهم مردودة غير مقضية. ومحل قوله {لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} النصب على الحال، أي غير مؤمن به، أو هو بيان لقوله: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ}. {سُنَّةُ الأوّلِينَ} طريقتهم التي سنها الله في إهلاكهم حين كذبوا برسلهم وبالذكر المنزل عليهم، وهو وعيد لأهل مكة على تكذيبهم.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8